السياحة العلاجية عنصر مهم من عناصر زيادة الدخل القومى المصرى، ومصدر ضخ مهم للفيتامينات فى اقتصادنا المصاب بالأنيميا، وهناك دول مثل تشيكوسلوفاكيا ورومانيا على سبيل المثال، تجلب مصحاتها عملة صعبة تنافس أحياناً صادرات الصناعة والتجارة، مصر كانت من ضمن هذه الدول المرشحة لازدهار السياحة العلاجية بفضل مجموعة متميزة من أطبائها المتميزين وكوادرها الفنية المدربة، وكان أبناء المنطقة العربية، خاصة الخليج، وأيضاً بعض الدول الإسلامية غير الناطقة بالعربية فى آسيا وأفريقيا، ضيوفاً على مستشفياتنا ومراكزنا الطبية، وكان نجاح أطبائنا فى علاجهم يغرى المزيد والمزيد من هؤلاء لزيارة مصر والاستشفاء فيها، لكن فى السنوات الأخيرة أصبحت مصر خارج منظومة السياحة العلاجية التى أصيبت بفيروس الإهمال وأسفكسيا الروتين، دخلت الأردن منافساً قوياً، خاصة فى مجال جراحات القلب، وسحبت البساط للأسف من مصر، الإمارات أيضاً باتت عنصراً جاذباً لأبناء الخليج كله فى مجال السياحة العلاجية، لبنان، برغم ظروفها السياسية المتقلبة، تفوقت فى مجال جراحات التجميل، وهذا التفوق ليس مصدره تفوق المهارات اللبنانية أو نقص الخبرات المصرية ولكن اللبنانيين «شطار» فى التسويق وهذا ما ينقصنا، لم يعد لدينا إلا السوق الليبية، بلغة السياحة، وحتى هذا المجال الليبى خرج عن السيطرة المصرية وتقلص، وبعض الأصدقاء أخبرنى بأنه آخذ فى الذبول والضمور والموت، حكى لى صديق أستاذ جراحة سمنة، وآخر متخصص كبد، بأن سبباً أساسياً فى عزوف الليبيين عن العلاج فى مصر والذهاب لتونس وغيرها من الدول هو صعوبة الحصول على الفيزا والتعقيدات الأمنية التى تضعها وزارة الخارجية والتى تجعل الحالات الحادة التى تحتاج إلى تدخل فورى «تزهق»، وبدلاً من الموت مللاً يختار الليبيون العيش مرضاً أو الهجرة طبياً إلى تونس هرباً من تعنت السفارة، من الممكن أن نقول إن السفارة معذورة نظراً لظروف الإرهاب، ولكن لدينا مهارة الفرز السريع ومعرفة من يأتى إلى مصر لإزالة المرارة، ومن يأتى إليها لزرع المرارة من خلال قنبلة!، السوق السياحية السودانية التى كانت مضمونة تُسرق منا أيضاً، حتى القلاع الطبية المصرية الحصينة التى نفخر بها صارت تشكو من ضعف الإقبال العربى. السياحة العلاجية تحتضر فمن يمنحها قبلة الحياة؟!